أيها الأب الكريم سلام الله عليك ورحمته وبركاته
أسأل الله أن يجعلك أبًا راعيا وقائمًا بحقوق الرعاية كما يريده سبحانه ...
يقول الحق سبحانه : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}. ويقول عليه الصلاة والسلام : (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته).
أيها الأب الكريم : إن الله سوف يسألك عن رعيتك, وعن أطفالك, وعن بناتك , وعن بيتك, عن مستقبل هذا البيت , وكيف ربّيته , وكيف قدته , وكيف رعيته ...
أيها الأب الكريم : إن من أعظم ما يطالبك به دينك الحنيف أن تزرع الإيمان في بيتك، أن توقظ بيتك على ذكر الله, وأن ينام بيتك على ذكر الله عز وجل, وأن تخرج من بيتك كل ما فيه إغضابٌ لله عز وجل , ومخالفةٌ لحدوده تبارك وتعالى , وأن تحرم على بيتك الأغنية الماجنة, والمسلسل الهادم, والمجلة الخليعة, والجلسة اللاغية, فعليك أيها الأب أن تكون إمامًا يقتدي بك أبناؤك ... يقول الشاعر :
وينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان عوده أبوه
فكن حَسَن الخلُق , حسن الصدق مع الله, حسن التعامل مع كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم , لأنك ستكون إماما متبعًا في الخير لأهل بيتك, وسوف تنجيهم من عذاب الله بذلك إن شاء الله، يقول الله سبحانه وتعالى : {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ }.
أسأل الله أن يجعلك مع المحسنين الذين يريدون وجهه والدار الآخرة .
أيها الأب الكريم : إن بعض الأباء تركوا بيوتهم, وذهبوا في أمور الدنيا وأشغالها وأعمالها, فانتكست بيوتهم, وخلت من التربية الإسلامية التي يريدها محمد صلى الله عليه وسلم , فأصبحت هباءً منثورا , لا تجد فيها تلاوة, ولا ذكرا, ولا عبادة, ولا خُلُقا, ولا استقامة, بل دخلت هذا البيت كل الفتن من كل جانب فأصبح بيته كالخرابة 0 يقول سبحانه وتعالى : أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } فاتق الله أيها الأب في بيتك فأنت مستأمن عليه، ومسؤول عنه.
أستودعك الله من أب لا تضيع ودائعه، دمت في حفظ الله ورعايته ... والسلام